تخطي للذهاب إلى المحتوى

الهوية البصرية للأنشطة التجارية وأبعادها التسويقية

رفع مستويات الولاء للنشاط التجاري
21 أكتوبر 2025 بواسطة
محمد قطاج
لا توجد تعليقات بعد

الهوية البصرية هي أحد أهم العناصر المكونة للهوية العامة للشركات، وهي مفتاح للانطباع الأول عن النشاط التجاري سواء لدى العملاء المحتملين أو الموظفين المرشحين للعمل لدى تلك الشركات، وتساعد الهوية البصرية على رفع مستويات الولاء للنشاط التجاري، مما يعني أداء أفضل للموظفين ومستويات بيع أعلى إلى العملاء.

الهوية البصرية داخلياً

تصميم الهوية البصرية الذي يعكس احترافية النشاط التجاري هو أحد أسباب نجاح بيئة العمل الداخلية، فهي تساعد على جذب الكوادر المحترفة للانضمام للشركة. كما أنها تعزز مستويات الثقة لدى الموظفين عند إرسال العملاء المحتملين إلى الموقع الإلكتروني أو تبادل بطاقات العمل أو توزيع المطبوعات وغيرها من المواد التي تحمل الهوية البصرية المميزة.

الهوية البصرية خارجياً

الاعتماد على هوية بصرية قوية تنسجم مع طبيعة النشاط التجاري بشكل جيد من خلال شعار بصري فريد وآخر نَصّي سهل التذكر، يساعد على تعزيز استراتيجيات اختراق الأسواق ويمنح النشاط التجاري الكثير من المكاسب لدعم رسالته الجوهرية. نذكر من تلك المكاسب:

  • تحديث صورة الشركة وسمعتها بالسوق بهوية حديثة الملامح.
  • جذب المزيد من العملاء المحتملين من خلال التموضع الصلب في السوق بهوية من السهل تمييزها عن غيرها ويحسن الوعي بها.
  • إن اختيار أنسب الشعارات البصرية والنصية والألوان وغيرها يُمَكِّن الأنشطة التجارية من إظهار ثقافتها وأسلوبها واحترافيتها ومصداقيتها لتعزيز مكانتها بالسوق.
  • التغلب على الدعاية السلبية من خلال إعادة تصميم الهوية البصرية والمؤسسية ككل، مع استراتيجية جيدة لإدارة أزمات العلامات التجارية.
  • الهوية البصرية تخلق الإثارة والاهتمام بشكل نسبي حسب كل قطاع، فالأنشطة التجارية المملة لا تدوم طويلاً.
  • مديرو العلامات التجارية المتفوقة يتمتعون بسياسات رفع الأسعار عند تقديم أي منتج جديد في السوق، لأن الزبائن يشترون السلعة التي تحمل تلك العلامة التجارية بدافع أولي، وهو اقتناء الأفضل من علامتك التجارية دون الاكتراث بشكل أساسي للسعر.
  • كما تتمتع الشركات التي تمتلك هوية قوية بالصلاحيات المختلفة والنفوذ، كإبرام الصفقات والاستحواذ والحصول على تسهيلات تمويلية أو لوجستية أو من الحكومات.

حدود تطبيقات الهوية البصرية

الهوية البصرية لم تعد مجرد تصميم شعار بصري وبطاقات عمل، بل امتدت إلى مواد أخرى لتنسجم مع التصميم البصري لحسابات الشبكات الاجتماعية والمواقع الإلكترونية متضمناً معايير المحتوى البصري الذي يتم نشره على كلاهما وغيرها من القنوات التي تخدم العملاء. يمتد الأمر إلى تطبيق استراتيجيات التواصل الداخلي للشركات (Internal Communications) والتي تبدأ بأبسط الأمور التي تقوي ولاء الموظفين وارتباطهم بشركتهم مثل تصميم حافظات الشاشة ووسادة فأرة الحاسوب، بل وتمتد إلى تصميم الديكور الداخلي وبيئة العمل ككل.

دراسة حالة – شركة «إديوكون» للدراسة بالخارج

قبل أيام من كتابتي لهذه المقالة، كنت أتصفح المواقع الإلكترونية لبعض مكاتب إرسال الطلاب إلى خارج الوطن العربي للدراسة. وقعت عيني على شركة «إيديوكون» وتُكتب “EDUCON” بالإنجليزية. وبحكم عملي في مجال التسويق منذ عام 2005، فقد اعتادت عيني على نزع طبيعتي البشرية الاستهلاكية، والبدء في تجريد أي نشاط تجاري من هويته البصرية والغوص مباشرة في القيمة التي يقدمها. إلا أن اللون البرتقالي الصارخ في هوية «إديوكون» وانعكاسه على أدق تفاصيل هويتها المؤسسية كان سبباً في جذب انتباهي ودفعي لاكتشاف قصة هذه الشركة.

نادراً ما تستخدم الشركات العاملة في هذا التخصص ألوان صارخة في هويتها البصرية، فلطالما انتقدت ابتعاد هذا القطاع عن الألوان الشبابية، بالرغم من أن استهدافهم الأساسي هو الفئة العمرية من 13 إلى 28 سنة. قامت «إيدوكون» بتطبيق هويتها البصرية على كل ما يمكن في هويتها على موقعها الإلكتروني، الشبكات الاجتماعية، المطبوعات، بل وحتى الزي الموحد لموظفيها.

على الرغم من انطلاقها في عام 2005 في السعودية بهوية بصرية متواضعة، إلا أن اللون البرتقالي كان هو الأساس دائماً لتعزيز تموضع الشركة بالسوق (Positioning)، الأمر الذي ساعد العملاء المحتملين على تمييزها عن المنافسين بسهولة. وفي عام 2008 حققت «إديوكون» أرباحاً فاقت 8 ملايين ريال سعودي لتعتبر واحدة من أسرع الشركات السعودية الناشئة. وهذا العام تم تكريم الحارث القرشي المؤسس والمدير العام للشركة كأحد أكثر رواد الأعمال إبداعاً بالسعودية في حفل نظمته مجلة فوربس الشرق الأوسط.

بالتأكيد ليس الاختيار الصحيح للهوية سبباً أوحد لنجاح الشركات، ولكنه عنصر هام يعمل كجزء من الاستراتيجية التسويقية وبالتوازي مع باقي إدارات الشركة والجهود المبذولة لتحقيق النمو المرجو للنشاط التجاري من خلال تقديم قيمة فريدة للعملاء والمجتمع. وعلى الرغم من تحفظي على الإخراج الإبداعي والنسبي للشعار الحالي لـ «إديوكون» إلا أنها تصعد بثبات لتحقيق أهدافها، وكان بإمكانها تحقيق نجاح أكبر لو طوّرت هويتها البصرية قليلاً.

وهنا أود أن أوضح لكل من يقرأ هذه السطور، أن تصميم هويتك البصرية قد لا يُؤتي ثمارَه دون مساعدة أحد المتخصصين في مجالات إدارة العلامات التجارية أو التسويق، للعمل جنباً إلى جنب مع المصمم الجرافيكي؛ إلا إذا كان هذا الأخير على دراية مسبقة بأساسيات التسويق واستراتيجيات تموضع العلامات التجارية.

كلمة أخيرة

بدأ العديد من روّاد الأعمال والرؤساء التنفيذيين والمدراء الإبداعيين في المؤسسات التجارية، بالابتعاد عن الاعتقاد السائد بأن الهوية تعرف بالشعار البصري فقط، وأن بطاقات العمل وأوراق المراسلات وغيرها من العناصر المكتبية قد باتت تشكل جزء صغير من الصورة الحديثة للهوية البصرية للشركات. ومؤخراً بدأتُ أرى بعض المصممين هنا بالإمارات يتلقون طلبات تصميم وتنفيذ هويات بصرية لشركات ناشئة، صغيرة ومتوسطة تحتوي عناصر جديدة كتصميم الخطوط وقوالب البريد الإلكتروني وتصميم قوالب المنشورات للشبكات الاجتماعية وغيرها. ولم يعد يدهشني طلب تلك الشركات دمج الهوية البصرية مع الهوية السمعية كنغمات الرنين للهواتف الذكية.

من الواضح أن هناك جيل جديد شاب من صناع القرار ومدراء العلامات التجارية بالشركات الناشئة الخليجية عامة، والإماراتية بشكل خاص، يسارعون للحاق بالتطور الذي يطرأ بشكل يومي على مجال التسويق وإدارة العلامات التجارية. أتمنى لهم وللعاملين في مجال التصميم الجرافيكي وزملائي في المجال التسويقي دوام النجاح والسداد.


تسجيل الدخول حتى تترك تعليقاً